المزمور الحادى والعشرون
نشيد نصرة الملك
هو مزمور ملوكى وصلاة ليتورجية من أجل انتصار الملك . يشبه المزمور السابق بكونه يركز على الملك ، يرى بعض الدارسين أن المزمور السابق ينشد قبل المعركة ، أما هذا المزمور فهو تسبحة حمد لله ترنم بعد المعركة من أجل استجابة الصلاة الواردة فى المزمور السابق . وضعه داود الملك وهو فى قمة الفرح بروح الشكر لله الذى وهبه النصرة ، ربما فى معركته ضد بنى عمون فى ربة ( 2 صم 12 : 26 – 31 ) .
1 – نصرات المسيح الملك الماضية [ 1 – 7 ]
هذا القسم [ 1 – 7 ] هو شكر من أجل الأمتيازات التى قدمت للملك . وكما قلنا أن هذا الملك هو ابن داود الذى يصوره المرتل كملك مقاتل يحارب إبليس وجنوده الأشرار لحسابنا .
ونحن أيضا كأعضاء جسد المسيح صرنا ملوكا محاربين ، نتلقى العون من ملك الملوك فى حربنا الروحية .
أولا : شكر لله من أجل قوته وخلاصه
" يارب بقوتك يفرح الملك ،
وبخلاصك يتهلل جدا " [ 1 ]
إنه ليس مجرد " ملك " بل هو " الملك " [ ملك الملوك ورب الأرباب ] ، الذى ارتفع على الصليب بالحب كعرش له ، ليقيم مملكته فى القلوب وداخل النفوس .
يمكننا القول أن المزمور السابق هو نشيد الملك فى البستان حيث يدخل معركة الصليب " يوم الشدة " ، مقدما حياته ذبيحة محرقة ، وقد استجاب الآب طلبته وشفاعته الكفارية عن جميع مؤمنيه ، الآن يترنم بتسبحة القيامة ، بكونها قوة الملك الغالب الموت ، واهب الفرح والتهليل لكل المتمتعين بحياته المقامة .
لم يفرح داود بعرشه ولا بقوة جيشه وإنما بقوة الرب وخلاصه المجانى .
ثانيا : الشكر لإستجابة الله سؤل قلبنا :
" شهوة قلبه أعطيته ،
وسؤل شفتيه لم تعدمه " [ 2 ]
يبدأ المرتل بشهوة القلب ثم يكمل بسؤال الشفتين ، لأن شهوة القلب تسبق سؤال الشفتين ويلزم أن تتفق معه ، ليعمل الداخل والخارج حسب إرادة الله ...
عندئذ نجد استجابة الله السريعة للقلب كما للفم .
ثالثا : الشكر لله الذى يمجد إبنه :
" لأنك أدركته ببركات صلاحك ،
ووضعت على رأسه إكليلا من حجر كريم " [ 3 ] .
فى النص العبرى : " لأنك تتقدمه ببركات خير " ، فقد سبقت بركات صلاحه أو خيره فأعلنت حتى قبل تجسده ، فقد رأى إبراهيم يوم الرب فتهلل وفرح ( يو 8 : 56 ) ، وتمتع رجال العهد القديم بالخلاص خلال رموزه وظلاله وعلى رجاء موته .
ونحن أيضا فى العهد الجديد تمتعنا ببركات صلاحه ، فنلنا الكثير من العطايا الإلهية قبل أن نسأله أو نطلبها مثل نعمة الوجود ، وتمتعنا بالإيمان المسيحى ، ونوالنا العماد ومسحة الميرون وسكنى الروح القدس فى قلوبنا مع أمور كثيرة لا تحصى وهبت لنا كما أنعم لداود بالعرش دون فضل من جانبه .
" مجده عظيم بخلاصك .
مجدا وبهاء عظيما جعلت عليه ،
لأنك تعطه بركة إلى أبد الأبد " [ 5 ] .
لأجلنا أخلى ذاته عن مجده ولأجلنا تمجد ، نال من الآب الكرامة والمجد ( 1 بط 1 : 17 ) ، المجد الذى كان له من قبل تأسيس العالم ( يو 17 : 5 ) .
ربنا يسوع – ملك الملوك – يضع التيجان الملوكية على رؤوس مؤمنيه الأتقياء بيده . ما من درجة من الكرامة مهما علت لا يمكن لله أن يرفعنا إليها إذا أراد ذلك ، فهو يرفع المسكين من المزبلة ، ويقيمه وسط الأشراف ( مز 113 : 7 ، 8 ) .
" الملوك الروحيين " . فقد أخذ الرب داود من بين أغنامه وأقامه وأقامه ملكا متوجا على أعظم عرش فى المسكونة كلها فى ذلك الحين .
فى استحقاقات الدم الثمين وهبنا ربنا يسوع المسيح روحه القدوس ، الذى يشكل إنساننا الداخلى لنحمل شركة المجد والبهاء بصورة فائقة .
رابعا : الشكر لله من أجل الحياة المقامة
" حياة سألك فأعطيته ،
طول الأيام إلى الأبد " [ 4 ]
لعل من أعمق الأسباب لتقديم الشكر لله هو تمتعنا بالحياة الجديدة الغالبة للموت .
خامسا : الشكر لله من أجل البركات الإلهية
" لأنك تعطيه بركة إلى أبد الأبد " [ 6 ]
السيد المسيح المبارك ، مصدر كل بركة ، بالصليب بسط يديه فاتحا أحضانه لكل الأمم كى تنعم بالبركات الإلهية ، فيجد الكل فيه كفايتهم وشبعهم .
سادسا : شكر لله من أجل الفرح برؤية الله
" أبهجته بفرح مع وجهك " [ 6 ] .
نشكر الله من أجل قوته وخلاصه اللذين يملأننا فرحا ، وتهليلا ، ومن أجل تحقيق شهوة قلوبنا وسؤل شفاهنا فى صلواتنا ، من أجل المجد الذى نلناه فى الداخل باتحادنا معه ، ولتمتعنا بالحياة الجديدة فى المسيح يسوع ، ومن أجل فيض بركاته ، أما تاج هذا كله فهو دخولنا إلى ملكوت الفرح بتمتعنا بوجه إلهنا حيث ننعم برؤيته .
2 – نصرات المسيح المقبلة [ 8 – 12 ]
الشكر الحقيقى الذى يقدمه الملك والشعب لا يكمن فى تمجيد الماضى وإنما بالحرى من أجل الثقة فى عمل الله معهم فى المستقبل
" تظفر يدك بجميع أعدائك ،
ويمينك تظفر بجميع مبغضيك ،
تجعلهم مثل تنور نار فى آوان وجهك ،
يارب بغضبك تقلقهم ، وتأكلهم النار " [ 8 ، 9 ] .
إن كان الرب بصليبه قد مزق صك خطايانا ، وشهر بعدو الخير وكل قواته ، عند مجيئه الأخير سيحطم مملكته تماما . يجعله كأتون النار لأنفسهم ، وذلك " فى أوان وجهك " ، أى فى زمان مجىء الرب للدينونة ، زمان الغضب .
" وثمرتهم من الأرض تهلك ،
ونسلهم من بنى البشر " [ 10 ] .
فى المسيح يسوع ربنا تهلك ثمرة إبليس وكل أبنائه ، أى الخطايا التى تربض فى القلب كما فى الأرض . بنعمة الله لا يترك لهم أثر فى قلوبنا أو أفكارنا أو عواطفنا ، فنقول مع موسى النبى : " لا يبقى ظلف " خر 10 : 26 .
3 – تسبيح وحمد الشعب [ 13 ]
" ارتفع يارب بقوتك ،
نسبح ونرتل لجبروتك " [ 13 ] .
جاءت الخاتمة مشابهة للأفتتاحية إلى حد كبير ومماثلة لختام ( ذكصولوجية ) الصلاة الربانية . هكذا تنتهى آلامنا إلى إعلان مجد الله المفرح فى حياتنا وفى لقائنا معه أبديا !
+ + +