m.fyez عضو نشيط
عدد الرسائل : 72 العمر : 76 السٌّمعَة : 0 النقاط التي حصلت عليها : 30435 تاريخ التسجيل : 13/03/2008
| موضوع: تفسير المزامير ، المزمور السادس والسابع الأحد 11 مايو - 17:10:03 | |
| المزمور السادس أول مزامير التوبة أول مزمور من مزامير التوبة السبعة [ 6 ، 32 ، 38 ، 51 ، 102 ، 130 ، 143 ] التى تناسب التعبير عن حال التائب ، وقد دعيت هذه المجموعة هكذا ربما بواسطة القديس أغسطينوس . يرى البعض أن هذه المزامير السبعة تقابل خطايا داود السبع ، وهى :
1 – الكبرياء أو الأفتخار حين أمر بتعداد رعيته . 2 – الزنا مع إمرأة أوريا الحثى . 3 – الغش حيث دعا أوريا من الجيش ليخفى خطيئته . 4 – التستر على خطيته بطلبه من أوريا أن يبيت مع زوجته . 5 – قتل أوريا . 6 – تهاونه مع إبنه أمنون الذى ارتكب الشر مع أخته . 7 – قساوة قلبه إذ لم يعترف بخطيته حتى جاءه ناثان النبى بعد حوالى عامين . يقول قداسة البابا شنودة الثالث : هذا المزمور من اهتمام الكنيسة به ، وضعته فى صلاة باكر ، وفى صلاة نصف الليل ، وفى صلاة الستار التى يصليها الرهبان . يقول داود النبى فى مقدمته : " يارب لا تبكتنى بغضبك ، ولا تؤدبنى بسخطك " . وهو هنا يعترف بخطيته ، ويعترف بأنه يستحق التبكيت والتأديب ، إنما يطلب ألا يكون ذلك شديدا عليه . يقول للرب : " لا تبكتنى بغضبك " ، لأنه إنسان ضعيف ، لا يحتمل غضب الله .. لو أدبتنى يارب بغضبك ، يمكن أن تفنينى ، ولا تبقى على . وهذا المعنى قاله أيضا إرميا النبى " أدبنى يارب ولكن بالحق . لا بغضبك لئلا تفنينى " ( إر 10 : 24 ) . التبكيت له بركات ، ويمكن أن ننتفع بها .. ولنا مثال عجيب فى تبكيت ربنا يسوع المسيح لبطرس الرسول ، ذاك الذى أنكر ولعن وجدف ! قال له يسوع : " يا سمعان بن يونا ، أتحبنى أكثر من هؤلاء ؟ ارع غنمى ، ارع خرافى ... " . وكرر السؤال ثلاث مرات ( يو 21 : 15 – 17 ) . وكثير من الخطايا لم يبكت عليها الله ... لم يبكت إبراهيم الذى ادعى أن سارة أخته ( تك 20 : 2 ) الإنسان هو الذى يكثر من التبكيت . " إرحمنى يارب فإنى ضعيف " ( ارحمنى ) هى أكثر كلمة مستعملة فى الكنيسة وفى صلواتها . ولا توجد صلاة فى رفع بخور باكر أو فى رفع بخور عشية أو فى المزامير ، إلا وفيها عبارة ( ارحمنا ) . ونكررها مرات كثيرة فى قولنا ( كيرياليصون ) . ارحمنى يارب لأنى ضعيف ... وأيضا لأن قلبك واسع يتسع لكل خطية . " اشفنى يارب فإن عظامى قد اضطربت ، ونفسى قد انزعجت جدا " [ 1 – 3 ] لو ارتعش الجسد لكان الأمر سهلا جدا ، أما أن تضطرب العظام الصلبة القوية ، البنيان الهيكل الجبار ، فإن هذا يدل على أن جسده كله على وشك الضياع ... بدأ يشعر أنه مريض ، جسدا وروحا ، فالخطية ونتائجها لها تأثير على كليهما . وادى ظل الموت : " وأنت يارب فإلى متى ؟ .. لأنه ليس فى الموت من يذكرك ، ولا فى الجحيم من يعترف لك " [ 4 ، 6 ] . سؤال يحمل عمق اليأس وعجز الإنسان اللانهائى ! لذا لا خلاص له إلا بالنعمة الإلهية والمراحم الأبوية ! " عد ونج نفسى وأحينى من أجل نعمتك " [ 3 ، 4 ] . لماذا يقول المرتل " عــد " ؟ أليس الله حاضر فى كل مكان ؟ يجب أن نميز بين نوعين من الحضور ، حضور الله المالىء كل مكان ، وحضور النعمة حيث يسكن وسط شعبه وفى داخل قلوبهم ، معلنا اتحادهم به . " لأنه ليس فى الموت من يذكرك ، ولا فى الجحيم من يعترف لك " [ 5 ] المرتل يعنى بالموت الخطية التى يقترفها الإنسان ضد الناموس الإلهى ، لهذا تدعى شوكة الموت ، ما دامت تؤدى إليه " لأن شوكة الموت هى الخطية " 1 كو 15 : 56 . هذا الموت يتمثل فى تجاهل الإنسان لـلـــه ، واحتقاره ناموسه ووصاياه . هناك كثيرون أحياء بالجسد لكنهم أموات ولا يقدرون على التسبيح لله ... وهناك كثيرون قد ماتوا بالجسد لكنهم يسبحون الله بأرواحهم ، إذ يقال : " يا أرواح وأنفس الأبرار سبحى الله " [ راجع دا 3 : 86 – تتمة دانيال فى الترجمة السبعينية ] ، " كل نسمة فلتسبح الرب " مز 150 : 6 . + + + المزمور السابع أنشودة القديس المفترى عليه مرثاة يرفعها المرتل متضرعا أمام محكمة الرب العادلة ، مناسبتها هى حادثة كانت وقعت لداود حين اضطهده أعداءه ، ربما شاول ورجاله ، الذين افتروا عليه ، فهرب إلى حضرة الرب فى الهيكل ، لأجل سلامته الشخصية ، وللبت فى القضية واستصدار حكم بها وإعلان براءته . " أيها الرب إلهى ، عليك توكلت ، خلصنى من أيدى جميع المطاردين ونجنى ، لئلا يخطفوا نفسى مثل الأسد ، حيث ليس من ينقذ ولا من يخلص " [ 1 ، 2 ] . هنا أول مثل فى المزامير فيه يذكر اسمين للقدير : " يهوه " ( الرب ) ، و " إلهى " . إذ كان داود مضطربا يتطلع إلى عدوه القاسى كأسد يود أن يمزقه [ 2 ] ، ولهذا يرفع صلاة وتسبيحا للرب ( يهوه ) الذى يدخل مع شعبه فى عهد لحمايتهم .. الأسد هنا هو الشيطان ، الخصم المقاوم لكل البشر . إنه أسد زائر ومشتك ، يتهمنا ، وهو كذاب وأبو الكذاب ، هو الحية القديمة ، رئيس سلطان الهواء ، إله هذا الدهر ، رئيس الظلمة ، الروح الذى يعمل حتى الآن فى أبناء المعصية ، وما من أحد يستطيع الصمود أمامه بقوة ، أما حماية الرب فهى الرجاء الوحيد والأخير للخلاص منه . يعلن داود المرتل براءته أمام الله ، قائلا : " أيها الرب إلهى إن كنت فعلت هذا ، وإن كان ظلما فى يدى ، أو جازيت الذين صنعوا بى الشرور ، أسقط إذن أمام اعدائى فارغا " [ 3 ، 4 ] . سقط شاول بين يدى داود مرتين ، مرة فى مغارة عدلام وأخرى فى برية زيف ، لكنه لم يمس شعرة منه ولم يؤذه ... هكذا يتعامل رجل الله مع عدوه من بنى البشر بالخير الذى أوصاه به الكتاب المقدس ( 1 صم 24 ، 26 ) . + أى مجد لنا إن كنا لا نؤذى من لا يؤذينا ؟! بل الفضيلة الحقة هى أن نغفر لمن يؤذينا . قم يارب : " قم يارب برجزك ، وارتفع فوق أقطار أعدائى ، أستيقظ يارب وإلهى بالأمر الذى أوصيت ، ومجمع الشعوب يحوط بك ، ولأجل هذا أرجع إلى العلا " [ 6 – 8 ] . يلاحظ فى الليتورجيات الخاصة بأعياد الصليب تختار المزامير التى يرد فيها كلمة " ارتفع " ؛ وكأن الكنيسة تتطلع إلى هذه المزامير بكونها إعلانا عن ارتفاع السيد المسيح على الصليب ليحطم العدو إبليس ويهب النصرة لشعبه ومجدا لأبيه . هنا قبل أن يتحدث عن الحكم أو الدينونة الأنقضائية فى يوم الرب العظيم يشير إلى : صلب الرب " ارتفع " ... وقيامته " استيقظ " ..... وصعوده " ارجع إلى العلا ". يقول المرتل " قم " للرب الذى لا ينعس ولا ينام ( مز 121 : 4 ) . فى وسط الضيق يبدو لنا وكأن الشر قد انتصر ، لذا نصرخ إلى الرب بكلمات المرتل هذه التى تكشف عن مدى نفاذ صبره وما يعانيه من عذاب . ارتبطت هذه الصرخة أو هذا النداء بتابوت العهد الذى يرمز للحضرة الإلهية وسكنى الله وسط شعبه وهم فى البرية أو أثناء الحروب فيما بعد . [ عدد 10 : 35 ، مز 68 : 1 ، 1 صم 4 : 1 – 4 ] . " فاحص القلوب والكلى هو الله " [ 9 ] . الله فى دينونته للأشرار لا يحتاج إلى شهود ، إذ هو مدرك للخفيات ، عارف ما تخفيه القلوب من مشاعر أو عواطف وأفكار ، وعالم بما فى الكلى من رغبات وشهوات ... كل شىء مكشوف وعريان أمامه ، فلا يخطىء الحكم . يشبه المرتل الأشرار أيضا برجل يحفر حفرة لأخيه فيسقط فيها ، إذ يقول : " حفر جبا وعمقه سيسقط فيه ، وفى الحفرة التى صنعها " [ 15 ] . يكشف داود النبى أن الخطية تحمل فى أعماقها جزاءها ، كما يحمل البر فى ذاته المجازاة ، هكذا يعلن الكتاب المقدس : " من يحفر حفرة يسقط فيها ، ومن يدحرج حجرا يرجع عليه " أم 26 : 27 . " من يحفر هوة يقع فيها ، ومن ينقض جدارا تلدغه حية " جا 10 : 8 " جلبت طريقهم على رؤوسهم " حز 22 : 31 . " ساروا وراء الباطل وصاروا باطلا " إر 2 : 5 . يختم المرتل المزمور بالأعتراف بعدل الله والتسبيح لأسمه ، إذ يعمل الله فى حياته ويرد الشر على العدو الشرير . " اعترف للرب على حسب عدله ، وأرتل لأسم الرب العلى " [ 17 ] الله هو العلى فى سمو مجده ، ليس أحد مثله ، ولا شريك له ، وليس أحد بجانبه . + يا له من قول جميل : " العلى " ، لأن الرب ارتفع قدر ما اندحر الشيطان . + + +
| |
|