كنيسة السيد المسيح الواحدة في كفرياسيف
جمعية ابناء المخلص في الاراضي المقدسة
محاضرة الدكتور منير توما
اجتمع العديد في قاعة كنيسة القديس جوارجيوس للروم الاورثوذكس في كفرياسيف اليوم 2010 _12 _15 بدعوة من كنيسة المسيح الواحدة والجمعية للاستماع لمحاضرة الدكتور منير توما حول :
سر التناول _الافخارستيا.
وننشر هنا ملخّصا للمحاضرة ومن الجدير التنويه ان المحاضرة استمرت اكثر من الوقت المحدد ويعود ذلك للمداخلات العديدة من المؤمنين ومن بين الاسئلة التي طُرحت:
+ تهيئة الذبيحة الالهية؟ هل يجوز للكاهن المصافحة وتبادل القبلات خلال تهيئة الذبيحة الالهية؟
+ هل يجوز للكاهن ان لم يكن بمصالحة مع الجميع تهيئة الذبيحة؟ او ان يتناول هو؟
+ هل تجوز المناولة اكثر من مرة خلال القداس؟ او الانتقال من كنيسة لاخرى للتناول؟
+ من هو المستحق للتناول بحسب القديس بولس؟
+ هل من نظام في التناول؟ ام يندفع الكل من حدب وصوب؟
+ هل تحضير الذبيحة الالهية قبل القداس يستغرق 10 دقائق فقط؟
+ هل تجوز المناولة كل يوم احد؟
+ ما هي الاستعدادت التي تتحتّم على المتناول ان يتّخذها قبل التناول؟ هل يجب الصوم ؟
+ هل المناولة بالملعقة نعم لا ولماذا؟
وبعد المحاضرة تمّ الاجتماع مع قدس الاب عطا الله مخولي للتباحث بشؤون مسيحية هامة وبرامج كنيسة المسيح الواحدة والجمعية للفصح المجيد وتم الاتفاق على البرنامج مبدئيا حيث سيتم نشره بعد عيد ميلاد الرب بالجسد.
وفي يلي ملخص بايجاز محاضرة الدكتور منير توما:
تعني كلمة افخارستيا مبدئيا: عرفان الجميل والامتنان،وبالتالي ابداء الشكر. انه سر الذبيحة الذي هو اعلان الموت الخلاصي: انه الموت للفداء، لان الجسد " يبذل من اجلكم"، والدم " يراق من اجلكم" او من " اجل جماعة كثيرة" { مرقس\متى} ان هذا العمل الذي اسسه يسوع عشية موته في العشاء الاخير يعني يسوع به ان موته الوشيك سيحل محل ذبائح العهد القديم، وسيخلص البشر ليس من اسر زمني، ولكن من عبودية الخطيئة. انه على وشك ان يؤسس العهد الجديد. انهم يتناولون القربان المقدس ويصنعون ذلك " ذكرا له " انها اعجوبة محبة يشترك البشر فيها باتحادهم بالشركة في جسد الرب، وبه يتحدون مع جميع اعضائه. ان الافخارستيا سر ذبيحة المسيح، سر المحبة،سر الوحدة في جسد المسيح.
لم يكن المسيح مغاليا حينما قال:" انا هو خبز الحياة" اذ في العشاء الفصحي الاخير ،لما اخذ الخبز على يديه ونظر الى فوق، بثه روح الحياة الابدية التي فيه.
فحمّل الخبز ذات الحياة الابدية التي في جسده، فصار الخبز طبيعي معادلا لجسده الالهي الحي، أي خبزا للحياة. وهكذا اصبح كل من ياكل من هذا الخبز يعْبُر _ كما عبر المسيح _ بالجسد من الموت الى الحياة، أي صارت في هذا الخبز الحي قوة القيامة من الاموات. وهكذا حمّل المسيح الخبز كسر الجسد، كما حمّل الكاس سفك الدم وغفران الخطايا:" واخذ الكاس وشكر واعطاهم قائلا:" اشربوا منها كلكم لان من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا { متى 28 _27 :26 }،فوق ، يكون قد استودع الدم روح الحياة الابدية التي فيه. وبهذا يكون المسيح قد اعطانا الشركة الكاملة في موته وحياته.
لقد استخدم المسيح سلطان الخلق هنا لتحويل الوجود المادي للخبز والخمر الى وجود روحي من وجوده، فصار الخبز جسد المسيح بالحق والخمر دم المسيح بالحق.
من هنا اصبح الاكل من الجسد أي الخبز المتحوّل والدم أي الخمر المتحول ليس ماكلا او مشربا عاديا بل هو ماكل ومشرب حق أي ماكل ومشرب الهي بالدرجة الاولى لان " الحق " هو افادة مباشرة لما هو الله او ما لله" انا هو الطريق والحق والحياة" { يوحنا 14 }. لذلك نبّه المسيح ووعّى" لان جسدي ماكل حق ودمي مشرب حق " { يوحنا 6 } لاجل هذا اصبح الاكل من الجسد والشرب من الدم، له فاعلية ايمانية سرية صادقة ومباشرة للثبوث في المسيح كثبوث المثيل في المثيل :" من ياكل جسدي ويشرب دمي يثبث فيّ وانا فيه"{يوحنا 6 } لمعنى الاتحاد.
كذلك يؤدي ذلك الى اندفاق الحياة الابدية التي للمسيح في المتناول من جسده ودمه:" من ياكل جسدي ويشرب دمي فله حياة ابدية وانا اقيمه في اليوم الاخير{ يوحنا 6 }.
يستخلص القديس بولس في حقيقة الشركة الالهية المتحصلة من تناول المؤمنين معا من الجسد الواحد والدم الواحد الذي لسر الافخارستيا، حصول اتحاد للمؤمنين معا في المسيح وبلوغ الوحدة البشرية التي سعى اليها المسيح بموته على الصليب ليقدم البشرية كانسان واحد لله:" فاننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد، لاننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد { 1 كورنثوس 17 :10 }.
والقديس بولس يقصد من هذا القول في التعليم على سر الافخارستيا، ان بالتناول تنتهي الفوارق، كل الفوارق، في الجنس،والشكل والطباع والعادات والنزاعات والمختلفات والاضداد والعداوات الكاذبة لان التناول من الخبزة الواحدة يجمعنا في جسد المسيح الواحد، والشرب من الكاس الواحدة يوحِّد قلوبنا وارواحنا بروح المسيح الواحد الى وحدانيته تجمعنا في المسيح مع مسرة فائقة.
بولس الرسول بعد ان اعطى الجسد والدم الصفة الالهية المطلقة التي للمسيح، نسمعه يعطي التحذيرات المخيفة للمتهاونين الذين يقتربون من هذا السر وهم على غير استحقاق له، لا من جهة اعمال او ممارسات، بل من جهة عدم الايمان بلاهوت المسيح اولا ولاهوت الجسد والدم بالتبعيّة:" اذا أي من اكل هذا الخبز او شرب كاس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه" { 1 كورنثوس }.
وبولس الرسول يفسر سبب حسبان من يتناول بغير استحقاق انه مجرما في جسد الرب ودمه، بقوله بوضوح انه حينما يتقدم الى الجسد والدم دون ان يميّز بين اكل الخبز العادي وشرب الخمر العادي، وبين التناول من حقيقة جسد الرب ودمه الالهيين:" لان الذي ياكل ويشرب بدون استحقاق، ياكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب" { 1 كورنثوس 11 } . بمعنى ان الشرط الواحد والاعظم ليكون الانسان على استحقاق ان يتقدم للتناول من الجسد والدم، هو ان يكون على وعي روحي ايماني صادق بماهية التحول السري الذي يحدثه المسيح بنفسه في الخبز والخمر ليصيرا جسدا ودما لع وفيهما الغفران والحياة الابدية.
ان قول المسيح" انا الكرمة وانتم الاغصان" يبين لنا ان الغصن لا يثبت في الكرمة من الخارج بل من الداخل، والاصل هو العصارة التي تسري من الكرمة للفرع فتنميه وتزيده التصاقا وقوة وتمده بالثمار. ومن هذا المنظور ياتي سر ثبوت الاشخاص في المسيح فالعصارة هنا هي في الكاس أي الخمر المتحوّل بالتالي الى عصارة المسيح الحقيقية أي " دمه " .فالذي يؤهل بالسر للتناول من دم المسيح يسري فيه الدم كما تسري العصارة في الفرع للثبوت والاثمار، حتى ان الكنيسة جعلت التناول من الدم ضمن سر التثبيت وبالنهاية يعني ان المؤمنين اذ يتناولون من سر الدم يتحدون في المسيح ويصيرون اعضاء حقيقيين في جسد المسيح بهيئة الاغصان في الكرمة. وبهذا تكونت الكرمة الحقيقية الحاملة سر الوجود الاهي ، او الشعب المقدس المتحد بالمسيح والحامل لسر حضور الله الدائم بالابن حين يقول:" انا هو الكرمة الحقيقية وابي الكرام".
واخيرا، فان كل من اعترف بخطاياه وغفرت له وتطهر ضميره، وكان في مصالحة مع جميع الناس تصبح الافخارستيا له طاهرة أي للتقديس والتطهير ومن كان عكس ذلك، لا تقبل شركة فيها للطهارة او التطهير بل تكون للدينونة والضعف والمرض بل والموت.