هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات بغديدا ملتقى ابناء شعبنا المسيحي (لنعمل من اجل وحدة شعبنا)
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قيامة الحلم السرياني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
master
مدير المنتديات (mster)
مدير المنتديات  (mster)
master


عدد الرسائل : 141
السٌّمعَة : 1
النقاط التي حصلت عليها : 31099
تاريخ التسجيل : 16/05/2007

قيامة الحلم السرياني Empty
مُساهمةموضوع: قيامة الحلم السرياني   قيامة الحلم السرياني I_icon_minitimeالسبت 2 يونيو - 19:38:32

شاكر سيفو

قيامة الحلم السرياني

كثيراً ما نسمع ونقرأ، لقد تحقق الحلم، أي أصبح حقيقة، وتسرّني ـ دائما ـ هذه المقولة، لا بل هذه الحقيقة بكل ثقلها وإشعاعها، لأنني ـ دائماً ـ أنحاز إلى الحلم، نعم، الحلم الذي ينحاز إلى أصالة الإنسان، الحلم الذي يتجذر فيه الإنسان في أرضه ويتعلّق بأُمّهِ، وفعلاً، تحقق لي مثل هذا الحلم الميتافيزيقي الكوني، يوم شرعتُ بالكتابة بلغة الأم (السريانية) وكان ذلك عام 1996م، لقد كبرتُ بهذا الحلم الوردي والبنفسجي والسماوي معاً، وأدركت حينها أنني دخلت مصهر الأحلام وأفرانها وتعلمتُ طريقة تكريرها وأدركت قيامتها، نعم، أنحاز إلى مثل هذه الأحلام التي تتسرب إليها منظومة الرموز والدلالات والإشارات والإحالات السميولوجية في فضاء إبداعي تنتجه المخيّلة بقوة الروح ولغة التخييل والرؤيا السيسيولوجية، هذا الحلم الذي تحقق لي ـ فعلاً ـ تقف وراءه مكوِّنات الوجود وعناصر الكون ومنظومات التراسل الحسي بين العلامة والرؤية وتأثير كل الحواس وأساليب إستقبالها لمنتجات اللاوعي والوعي معاً، وتشظيات الحدوس وإفراغِها على هيئة خطاب ورؤيات وإجتراحات خارج منطقة السكون، حلمٌ تركيبي يخلع علىّ فضاء الكلمة والصورة والرمز والصوت ومنتجات التشكيل والتوليد والإثارة والإدهاش وخلق حساسية جديدة تحلّق بها الأنا المنتجة بإرهاصاتها الباطنية إلى فضاء الخلق والإبداع، حلمٌ يقوم على أستنطاق الماضي وإحالاته المشعّة إلى التباسات الحاضر وغموض المستقبل وورقته الغائبة واسطرته ديناميكياً، حلمٌ قائِمٌ على استثمار واستثارة كل بنيات الفنون وطرازاتها والأدب وأجناسه، بما في ذلك آستدعاء مقتربات الأسطورة والخرافة والمثل الشعبي والحكاية المتوارثة، ناهيك عن استنفار وهرق كل منظومات الأجناسية النصيّة لأنساق الأدب (شعر، رواية، قصة قصيرة ومسرحية) والفلسفة وحتى الأغنية، وذلك هو الحلم الذي طال واخترق ذاكرتي والذي ليس بحاجة لتفاسير العرّافات في أحياء نينوى الفقيرة، بل الحلم الكوني الذي يحتاج إلى تأويلات جدّي (أنو) كبير الألهة السومرية، كنتُ
ـ دائماً ـ أرى حلمي السرياني هذا ـ قريباً ـ من حلم العبقري الفرنسي روبنسن دوفال مؤلف كتاب (تاريخ الأدب السرياني) ومترجمه الماهر الكاتب المبدع الأب لويس قصاب، هذا الكتاب الذي سحرتني أشتغالات مؤلفه من الغلاف الأول إلى الغلاف الأخير، نعم من حقِّ كلِّ إنسان أن يحلم، شرط ألاّ يتقاطع حلمُه مع ضوء الحلم الجمعي، ومن حقّه أن يدوّن حلمه ويفسره ويعلنه خارجا وبعيداً عن المقولات الجارحة، قريباً من الخصوصية التاريخية ليضخَّ في نسقهِ الروحي أمصال التواصل والتلاقي وذلك بالنتيجة ليضيف كل هذا إلى الأرث الإنساني. كثيراً ما تعود بي أحلامي إلى الشروحات الفلسفية للكاتب الفرنسي الكبير صاحب نظرية المعرفة العلمية (غاستون باشلار) حيث يُحيل بُنية الحلم الشخصي وفلسفته إلى الوعي الميتافيزيقي بفلسفة المكان وإقترانها بزمن الطفولة، فالمكان والطفولة توأمان بتعاضدهما في نسق واحد ترشح عنه فلسفة الحلم الشخصي، وتقترن هذه الفلسفة بالفكر والفن والثقافة في بؤرة يشعّ فيها حلمنا الكوني، لقد أشتغل على هذه الأنساق فلاسفة ونقاد كبار أمثال: رومان ياكبسون ورولان بارت وكلود ليفي شتراوس وجيرار جينيت وتزفيتان تودوروف ومارتن هيدجر وهيغل وهوسرل وجاك دريدا وميشيل فوكو، لا بل سبق هؤلاء فلاسفة السريان في العديد من ميادين الحياة... إنَّ ما يتحقق من الأحلام هو فيض أنخطاف النفس بقدرتها للاقتراب من الخالق وأسرار الخلق والطبيعة والأشياء، هكذا يؤسِّس الإنسان مملكته الطوباوية حلمياً كما يرى نيتشه في تعبيره عن الحياة وأساليب إغواءاتها القائمة على الأسس الإجتماعية والنفسية والثقافية، هذه الأسس التي تقف وراءها تشكيلة الخطاب الذاكراتي والتخيلّي الرؤيوي، مثلما أرى مع اللاهوتي الكبير يوحنا في بنية نصّه الأثير (سفر الرؤيا) في الوله الكبير بتشكّلِ حلم الحياة وحياة الحلم عبر مزيج من أثنيةٍ مقدسةٍ "للغة والفكر" ويوتوبيا الحلم والإحتفال بالمتخيّل الذهني والحسّي (الجسد والفكر). ذلك هو الحلم الذي تحقق وتجسّد كحقيقة أزلية بموت يسوع المسيح على الصليب وقيامته..

إنني ـ دائماً ـ أحلم، ومن حقّي الطبيعي أن أعود إلى شفرات الأتصال بالآخر عبر الحلم الكوني، لأننا في تراسل دائم لتكوين كيمياء إنسانية تدخل في صناعة الحياة، سواء باحتمائنا بالنسق الصوفي أو الموروث الديني المعرفي والطقوسي الميثولوجي العظيم أو باشتراكنا بنسق لساني وبمعيارية خلقية سيمائية وأخلاقية تاريخية حضارية. تجعلنا نشترك لا بل نتناص في أحلامنا عبر نظام الوجود وعناصر الكون والإقرار بالحياة بقوة الشفرة الواحدة التي تجمعنا دائماً… إنني ـ دائماً ـ أحلم، وأسهر وأعمل على ألاّ يبقى حلمي الشخصي من منتجات اللاوعي، بل ليتحول إلى أسطورة أو ميثولوجيا أحتفي بها في تذهين الحلم وإدخاله مصنع الوعي إلى مكننة الذهن والذاكرة، إنني أجاهد من أجل أن تتشكلّ أحلامي، لا بل تتناص مع أحلام أولئك الذين سحرتني أعمالهم الأدبية الكبيرة أمثال الروائي الإيطالي إيتالو كالفينو في كتابيه (مدن لا مرئية وقلعة المصائر المتقاطعة)، والروائي العالمي الكبير (غابريل غارسيا ماركيز) في رواياته الشامخة (مائة عام من العزلة،والحب في زمن الكوليرا، خريف البطريرك، الجنرال في متاهته، وحكاية بحار غريق وغيرها) وشعراء فرنسا الخالدين أمثال أراغون وسان جون بيرس وجاك بريفير وغيرهم.

إنني ـ دائما ـ أتمرَّن على الحلم في الحلم كي أحلم.. طوبى لحلمي السرياني الأول وطوبى لقيامته… آمين.


للأمانه الموضوع منقول من : موقع بخديدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://baghdeda.yoo7.com
 
قيامة الحلم السرياني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الادب و الفنون :: الشعر و الادب-
انتقل الى: