منذُ البدءِ أعي عمقَ أعماقِ ذاتي
إنسانٌ مخلوقٌ من ترابٍ على صورةِ ربِّ القواتِ
وُجِدتُ وأرحلُ بعد الزمنِ إلى اللازمنِ إلى حضنِ الآبِ وطريقي مع الربِ بهِ يتحققُ كلُّ وجودي
أسافرُ في الفكرِ مع أهلي وإخوتي وخلاني
حتى أمشي في متسعِ السهولِ والأوديةِ والبراري
وأختبئ في الكهوفِ والجبالِ وفي طي الحجارِ
وصوتُ حبيبي يناديني لا تخف من كلماتِ حواري
يناديني والصوتُ قريبٌ يخرج من عمقِ فؤادي
بنبضاتٍ يُسمع صوتها من تنهداتِ صدري
لغةٌ لا يعرفها أحد إلا من كانَ هو صديقي
وكلماتٌ لا يفهمها إنسانٌ إلا من كانَ هو حبيبي
والحربةُ طعنت قلبي وبدأ الجرحُ يدمي وها هي أوجاعي
أنوحُ شوقاً في ظلالِ هذا الوادي ولا من مغيثِ
أقف على تلال أطلالي وأفتحُ عيني وبصيرةَ كياني
وأقرأ بالحروف ِأوراق سجلاتِ تاريخي القديمِ
وإذ بيدي تمتدُ وتمسحُ دموعي ويذوقُ فمي أملاحي
تاركاً للعالم ِكلًّ أمنياتي وآمالي وأحلامي
ومشيئتكَ في حياتي ينبوعٌ يروي أرضَ أغلالي
وإذا بصوتٍ قريبٍ من حبيبٍ يناديني
فرفعتُ عنقي فوجدته جالساً على صخرةٍ فوقَ الهضابِ
وبدأتُ أفكر ما هذا الذي يحدث الآن في أيامي
وإذ بحروفٍ تجتمع لتؤلف نشيداً إلى من كانَ حبيبي
كتبت جملاً بكلماتٍ عنوانها لا تخفْ يا حبيبي
خُطَتْ بريشةٍ تنغمسُ بالدمِ وهو سائلٌ من جراحي
حتى يصرخَ قلبي متألماً من آلامي
كأنها تعرفُ أنَّ حبي لا يُكتَبُ إلا بالآلامِ
وهو قصة ٌ, خطوط ٌ, أحرفٌ, رُسِمَت بعصيِر ميدادي
تذكرني بعيونِ العاشقين وهم في الصِّلاِة
صمتٌ, تأملٌ, تنفسٌ دون أي حراكِ
وحديثٌ وحوارٌ وسؤالٌ دونَ أي كلامِ
وتراني أسألُ نفسي لماذا أهبُ لكَ نفسي؟
وهذا كله ليتَ يكونُ لـهُ من صيغةِ جوابِ
فأنا عاشقٌ عشقَ يوحنا على صدرِ الحبيبِ
ومجنونٌ جنونَ بطرسِ على قمة جبلِ الإجلالِ
وغارق غرق التلاميذ في أعماقِ بحرِ الجليلِ
وعارفٌ بكَ معرفةَ تلميذا عماوسَ في كسرِ القربانِ
وهذا كلهُ حتى أناشدَ بكلماتي
حبيبي