· يبيّن مار أفرام في هذا البيت فاعليّة سرّ الأفخارستيّة بعد الموت، مشبّها إيّاه بالنار المقدّسة التي لم تنطفيء سبعين سنةً عندما وضعوها كهنةً أتقياء في جوف يشبه البئر في فترة سبي شعب إسرائيل إلى بابل؛ فهذه النار تمثّل سر القربان المقدّس الكائن في عظام الموتى المدفونين، إذ لا يمكن لجسد الربّ أن ينطفيء في أجساهم البالية بل هو سوف يجدّد أجسادهم.
· دم يسوع الذي سكب على الأرض هو نور عقول وأفكار مَن قَبِلَهُ من منتقلي هذا العالم، وصورة يوناثان الذي استنار عندما ذاق قليلاَ من العسل هي صورة سابقة للذين سيتنوّرون بدم المخلّص الذي أتى إلى عالمنا لهذه الغاية (أنا هو نور العالم...)
· في ذبيحة إبراهيم يتبيّن أن الله يتدخّل ويخلّص اسحق بحمل عالق بقرنيه في شجرة، ويسوع المعلّق على خشبة الصليب هو الذبيحة التي شاءها الله أن يقدّمها لهذا العالم ليخّلص آدم من الموت، فصورة الحمل هي صورة رمزيّة مسبقة لصورة ليسوع الفادي المعلّق على الصليب ليصبح طعاماً للإنسان الذي هو في طبيعته مائت.
· هارون هو الكاهن الذي كان يقرّب الذبائح حسب الشريعة تكفيراً عن ذنوب شعب إسرائيل، أما يسوع فهو الكاهن والذبيحة، قرّب نفسه قرباناً وأفاض رحمته على قمة جبل الجلجلة ليقيم آدم وأولاده من الموت ويغفر لهم خطيئتهم.
· في قصّة ايليا مع الإمرأة التي هي من صرفت يُذكر عدّة عوامل تمثّل حضور الله والتي هي: تكثير الدقيق، العليّة، معرفة المرأة أن الله كان في فم ايليا. إن تكثير الدقيق هو رمز الحياة في الفترة التي كان هناك مجاعة في بني إسرائيل، والحياة هي فوق الموت ولا تأتي إلاّ من لدن الله، والعليّة هي رمز لحلول الروح القدس ونرى لها صورة مشابهة في عليّة صهيون حين حلّ الروح القدس على التلاميذ، فحلول الروح القدس يمثّل حياة جديدة، وهذا ما نراه عندما أصعد ايليا ابن الأرملة وتبسّط على فراشه و"قام". أمّا كلام الله الذي كان في فم ايليّا فهو الكلام أو الكلمة التي كانت عند الله منذ البدء، فإذا كان الكلمة التي هي يسوع المسيح أو السرّ المقدّس قد أقام ابن الأرملة، فكيف لا يقوم الموتى ويكتسبون الحياة إذا كان سيد ايليّا يُذبح من قِبل الكهنة كل يوم لأجلهم.
· يقوم مار أفرام بمقابلة حدث إقامة النبي اليشاع للمَيّتَين بالأموات الذين عاشوا بدم القتيل. فإذا كان النبي اليشاع قد أقام ابن الشونمية في حياته، وآخر بعد مماته وهو في القبر فكم بالأحرى إذا كان يسوع المسيح الذي أقام الموتى يوزّع جسده القدوس كل يوم للمائتين على شكل خبزٍ وخمر. فهم أحياء لأنّهم رقدوا على رجاء المسيح مع القدّيسين وعظام اليشاع تشهد على ذلك بإرجاعها ميّتاً إلى الحياة.
· يختم مار أفرام هذا المدراش بتشبيه الأموات بالأغصان التي تعيش بعد فصلها من أمها وزرعها في الأرض، فإذا كانت هذه الأغصان تكبر وتعطي ثمراً وهي لا تقتات إلاّ بالتراب والماء؛ فكيف لا يقوم الموتى الذين رقدوا بالرب ويرثون الحياة ويتنعّمون إذا كانوا قد عاشوا برائحة جسد ودم ربّنا.