عدد الرسائل : 717 العمر : 34 السٌّمعَة : 3 النقاط التي حصلت عليها : 29584 تاريخ التسجيل : 10/02/2009
موضوع: انطباعات حول زيارة البابا الى الاراضي المقدسة الخميس 21 مايو - 21:08:21
انطباعات حول زيارة البابا الى الاراضي المقدسة
16/5/2009 - 03:55:50 am
انهى بابا الكاثوليك بنديكتوس السادس عشر زيارة استمرت 8 ايام الى الاراضي المقدسة.
ااما الحدث الاكبر خلال الزيارة التي قام بها البابا فكان بدون منازع القداس الذي اقيم في الناصرة.
الاناشيد والترانيم الدينية التي تلاها عشرات آلاف المشاركين بثت عبر مكبرات الصوت وسمع صداها الى جميع ارجاء المدينة.
اجتمع المصلون في مسرح طبيعي على مقربة من المكان الذي يعتقد ان يسوع المسيح نجح بالفرار فيه من مجموعة غاضبة حاولت دفعه الى هاوية.
مدينة الناصرة، كغيرها من المدن التي زارها البابا، خضعت لتدابير امنية مشددة، ولكن بعض السكان بدوا اقل حماسة من غيرهم. نادل تدل لحيته على انه مسلم سني، تابع عمله في خدمة زبائنه وغالبيتهم من رجال الشرطة اليهود وقال ان "البابا هو الزعيم الروحي لاكثر من مليار كاثوليكي حول العالم، ولكنه لا يتمتع بكاريزما سلفه يوحنا بولس الثاني، الا ان ذلك لم يؤثر على الناس، لانه البابا واتوا ليحصلون على بركته".
بعض القداديس والاحتفالات الاخرى لم تشهد نسبة الاقبال نفسها، وتحديدا القداس الذي اقيم في القدس والذي عكس عمق الازمة التي تعيشها المسيحية في الاراضي المقدسة.
المسيحيون العرب يهاجرون، اما الذين يعيشون في الاراضي الفلسطينية فيقولون ان "السبب الرئيسي للهجرة هو صعوبة الحياة تحت الاحتلال الاسرائيلي".
ولكن الرسائل التي وجهها البابا في اكثر من 20 مناسبة لم تكن موجهة للكاثوليك وحدهم، ولذلك، فان نجاح او فشل زيارته يجب ان يقاس من خلال الانطباع الذي تركه على المسلمين واليهود ايضا.
ومن الواضح ان البابا حاول معالجة بعض الاثقال التاريخية وبعض الاخطاء التي ارتكبت منذ توليه السلطة الكنسية. لقد نجح بنديكتوس السادس عشر الى حد ما ولكن ذلك لم يكن ليرضي الجميع.
ففي الاردن حيث بدأ البابا زيارته، تكلم في جامع الملك حسين الواقع على كتف تلة مطلة على العاصمة عمان.
مطالبة بالاعتذار
بعض المسلمين كانوا يطالبون ويتوقعون اعتذارا بسبب ما قاله البابا في محاضرة القاها عام 2006 فسر البعض ما ورد فيها بالمسيء حيال ما اعتبر ربطا بين العنف والغرائزية في الايمان على الطريقة الاسلامية.
لم يعتذر البابا عن ذلك، ولكن احد الامراء الاردنيين الذي رافقه الى المسجد قبل علنا اعتذارا كان قد تقدم به البابا بعد ايام قليلة من المحاضرة المثيرة للجدل.
ولكن ذلك لا يبدو كافيا بالنسبة لبعض المسلمين الذين يحملون السلطات المسيحية المسؤولية عن العديد من المشاكل التي يعاني منها الشرق الاوسط.
الا ان المناصرين والداعمين للبابا يأملون بأن تكون زيارته الى اماكن اسلامية مقدسة، وبخاصة انه البابا الاول الذي يزور المسجد الاقصى في القدس، سبيلا لتحسين العلاقة بين المسيحيين الكاثوليك وبعض المسلمين المشككين بنوايا وافعال الكنيسة.
اراد البابا لهذه الزيارة بأن تكون ذات رمزية دينية، الا ان كل يوم كان يضعه امام مطبات سياسية عليه تفاديها او امتحانات سياسية يخضع لها.
تطلبت هذه الزيارة من بنيديكتوس السادس عشر حنكة سياسية كبيرة وبخاصة في اسرائيل والاراضي الفلسطينية حيث حاول كل من الطرفين الافادة سياسيا من وجوده في المنطقة.
اليوم الاول للبابا في اسرائيل كان الاصعب بدون منازع، حيث كان البابا امام جمهور متشكك حينا وعدائي احيانا.
وادت بعض الخطوات التي اتخذها بنديكتوس السادس عشر الى المزيد من الامتعاض يضيف لقرون من عدم الثقة بين اليهود والكنيسة الكاثوليكية.
الجملة الاولى التي تفوه بها البابا في اسرائيل كانت ادانة صارخة لمعاداة السامية بطريقة ارضت اليهود في اسرائيل والعالم.
لكن الخطاب العاطفي الذي القاه بعد ساعات قليلة على النصب التذكاري لمحرقة اليهود لم يكن كافيا حسب رأي البعض الذين ارادوا منه المزيد من التضامن كمواطن الماني كان ينتمي الى "الشبيبة الهتلرية" خلال الحرب العالمية الثانية.
يشار الى ان البابا كان قد زار معتقل اوشفيتز في بولونيا عام 2006، وحينها صرح بالتالي: "من شبه المستحيل الكلام في هذا المكان المرعب حيث ارتكبت افظع الجرائم الجماعية ضد الله والانسان، ومن الاصعب والاكثر ارباكا بالنسبة لمسيحي ولبابا من المانيا الكلام في هذا المكان".
ولو كان بنديكتوس السادس عشر قد ادلى بكلام مماثل في اسرائيل لكانت الصحف الاسرائيلية انتقدته بلذاعة بالغة.
في المقابل، بدا الفلسطينيون اكثر ارتياحا خيال زيارة البابا الذي دخل مدينة بيت لحم بينما كانت سيارته تشق طريقها بموازاة الجدار الذي بنته اسرائيل لتفصل بين القدس وبيت لحم.
وسمع الفلسطينيون كل ما املوا بسماعه من البابا الذي دعا الى اقامة دولة فلسطينية والى رفع الحصار عن قطاع غزة.
الا انه لم يسلم من انتقادات البعض لانه لم يزر القطاع ولانه دعا الفلسطينيين الى الامتناع عن استخدام العنف.
وقد ردد بنديكتوس رسالته حول العنف في كل الاماكن التي زارها ودعا في جميع المناسبات للمصالحة.
ولانه يعرف ان وحدها الدعوة الى السلام والتخلي عن العنف لا تكفي، شدد في رسائله على دور المجتمع الدولي الذي حثه على التدخل للمساعدة في احلال السلام في الشرق الاوسط.
نهاية، لا يمكن للبابا ان يطمح الى ارضاء الجميع، لكن جولته الشرق اوسطية اثبتت ان الفاتيكان الذي لا يملك جيشا، يبقى على الاقل لاعبا مشاركا على مسرح الشرق الاوسط.