حوار منتصف ليلة رأس السنة
أطفأت الأضواء لتشعل شمعة غُرزت في
منتصف كعكة متواضعة أعدتها هي بنفسها نُقِشَ عليها اسمها واسم شريك حياتها
الذي فقد ته في الحرب التي حدثت قبل عدة أعوام لتبدأ احتفالها السنوي
بليلــة رأس السنـة وحيدة تنكث رماد الماضي لعله يجـدد فـي نفسها الأمــل
بعـودة الغائب .... تأملت المكان وكأنها تبحث عنه في ضوء الشمعة التي
أشعلتها ليقع بصرها على المقعد الذي خصصته لجلوسه ....بدأ خيالها برسم طيف
له ما لبث أن ترائى لها فجأة على ذلك المقعد.....تحركت شفتاها وكأ نها
تتهامس وتحادث الطيف بصوت خافت في عتمة المكان وتحت ضوء شمعة الاحتفال
هي( تأخرت بالحضور يا حبيبي..انتظرتك كثيرا.. وها أنت تأتي لتشاركني احتفالي المتواضع هذا )
الطيف(لماذا.. ألست أنا معك دائما أم....)تقاطعه بسرعة وكأنه معها حقيقة
هي(لا تكمل يا حبيبي اجل أنت معي....دائما)
الطيف(اجل أنا في خيالك...وصوتي يتردد في ذهنك) تقاطعه مرة أخرى....وبحسرة
هي(إن كنت حقيقة أم خيال المهم انك معي الآن)
الطيف(أنت لا تستطيعين أن تلمسيني..ولا تستطيع يديك أن تحتضن يداي ......ا)
هي(يا حبيبي لا تذكرني بدفأ يديك)قالتها بحسرة وألم
الطيف(ليتني أستطيع أن أضمك وأتنشق عطرك المميز الذي تتعطرين به في ليلة مميزة كهذه الليلة ......)
هي(أنا في حضنك دائما وعطري يسبقني أليك شوقا..فهو عاشق لأنفاسك كعشقي أنا لقبلاتك)
الطيف(قبلاتي...أما زالت أثارها على خديك وشفتيك)
هي(تلمسها..تلمسها فهي محفورة عليهما كما هي الحروف السومرية محفورة على ألواح الطين)
الطيف(كيف المسها وأنا خيال يترأى لك. )
هي(أنا أريدك حقيقة هذه الليلة بالذات لأنها مميزة عن باقي ليالي السنة ودعني ارتوي منك واشبع عيني من رؤياك)
الطيف(ألا تحتفظي بصور لي تستطيعين أن تشبعي نظرك مني .)
هي (صورك لا تتكلم بالرغم من إحساسي بأن عينيك الجامدتين في الصور تبادلني نظراتي .)
الطيف ( إذا لا تبعدي نظرك عن صوري)
أحست
برجفة في جسدها فأغمضت عينيها بينما أخذت الشمعة طريقها للانصهار لتقترب
من نهايتها المحتومة..فتحت عينيها وكأنها أستفاقت من حلم.....لتحادث نفسها
هي(هاهي
شمعتك تنتهي كما هذه الليلة المميزة تنتهي وتغادر ني كما غادر تني أنت
وهاهي سنوات عمري تمضي الواحدة بعد الأخرى لتجعلني امقت الانتظار الــذي
أصبح بلا أمل.....انحنت برأسها نحو الأرض لتتقاطر دموعها بخجل وكأ نها
دموع لعروس خجلة في ليلة عرسها...رفعت نظرها نحو الشمعة التي انصهرت
تماما..وليلف المكان الظلام ولتبقى هي في مكانها وكأنها نذرت أن تبقى
ساهرة لما تبقى من الليل لعل طيفه يحضر من جديد حتى تشعل شمعة أخرى ولتكمل
الاحتفال مع الطيف حتى الصباح.....