قصة قصيرة
تزوجت مبكرا كعادة أهالي الريف،وكان والدي أحد الأعيان من مالكي الأراضي. ولأنني وحيده الذي أنجبه بمعجزة بعد تسعة ولادات من الإناث ، قرر زواجي من إحدى بنات عمي تماشيا مع التقاليد السائدة وتقربا إلى عمي الذي يشاركه الثراء!!.لقد كنت اعلم، بالغريزة طبعا، بان رفضي لهذا الاقتران سوف لا يجلب لي إلا رياح الغضب العاتية من كل صوب وحدب،ولصغر سني وقلة تجاربي وتلهفي للزواج كأي مراهق يعيش في الأرياف ..تزوجتها على الرغم من قبح وجهها.
لكنني ومنذ الطفولة كنت دوما اشعر نحوها بارتياح بالغ فتأملت أن يستمر هذا الشعور إلى ما بعد الزواج ...رغم عدم كفايته.
ما أثار دهشتي هو إن ابنة عمي كانت تحبني للغاية وهذا ما كان باديا عليها في ليلة زفافنا ،فقد كانت كتلة من الحنان ممتلئة برغبة جامحة نحو إسعادي بأية وسيلة متاحة.لقد التصقت بي تماما على مدى الأسابيع الأولى من زواجنا فلا أكاد انطق بحاجتي لأمر ألا وكان قد نفذ أو أوشكت أن تنجزه .لقد كنت مندهشا للغاية من قدرتها الفائقة على دراسة رغباتي من خلال قراءاتها السريعة لنظراتي وملامح وجهي.إن حزنت ،كنت تراها تحوم حولي كعصفورة حارت في سبل إنقاذ صغيرها الساقط عن العش،وان أصابني الفرح كانت دعواتها لي بدوام السعادة لا تنتهي .كانت تملك أناملا سحرية تقودني فورا إلى النوم في ليالي الأرق، ولا اذكر بأنني تحممت أو ارتديت ثيابي أو تناولت طعامي دون مساعدتها .إنها باختصار شديد كانت مثال الزوجة الصالحة. ورحت احمد ربي لتفضله علي بالعوض عن قبحها. أو تستطيع القول باني كنت قانعا بها لعدم رؤيتي جمالا حقيقيا عن قرب في قريتنا،إذ إنني كنت أصاب بالخيبة لدى مشاهدتي لجميلات المدينة في زياراتي القليلة أليها، لكني سرعان ما أنسى هيامي بهن فور عودتي إلى قريتي وانشغالي بالعمل في أرضنا الواسعة!!.
لم تظهر بوادر حمل على زوجتي خلال السنة الأولى وبدت إمارات الغضب على والدي الذي كان ينتظر حفيده ببالغ الصبر. فراح يحاصرني بأسئلته شاكا بعدم قدرتي على الإنجاب. وعندما تأكد من مدى اكتمال رجولتي أصر على سوقي إلى أحد الأطباء المعروفين في المدينة لأجراء التحاليل اللازمة والتي أكدت باني قادر على الإنجاب .
وفي تلك الأيام قرر والدي تزويجي مرة ثانية وقد اندهشت من موافقة عمي والد زوجتي له في الرأي إذ بدا لي بان الحفاظ على النسل وتواصل اسم العشيرة هو الأمر الذي لا يتعارض معه أي اعتبار آخر!!. وكما أسلفت لكم ،كان صغر سني وقلة حيلتي سبب رضوخي للأمر، وكي أكون صادقا معكم سررت جدا عندما علمت بان عروسي هي ابنة أحد مشايخ القرى المجاورة وقد ذاع صيت جمالها في تلك الأيام.لقد كان زواجي هذه المرة لمصلحة ارتأاها الشيوخ الأصدقاء والدي وعمي بالاشتراك مع والد العروس .
أما ابنة عمي فلم تبدر عنها أية ردود أفعال حيال الموقف، ولم يتغير سلوكها معي بل ازدادت التصاقا بي وكأنها تقول لي انك لن تجد زوجة تسعدك مثلي فلا توافقهم فيما يرتؤون،ولأنها كانت تجيد قراءة حديث عيوني فهمت بأنني سأتزوج من اجل الإنجاب وهذا ما أشعرها بالنقص والاكتئاب اللذين كانا سبب الكارثة التي سأتطرق أليها بعد قليلِ.
لم أغادر غرفتي مع زوجتي الجديدة لثلاثة أيام متتالية . لقد كانت اجمل مما سمعت عنها أو هكذا كانت تبدو لي لأول وهلة!!،لكني تركتها عند سماعي نبأ وفاة ابنة عمي!!.لقد انتحرت لمجرد ابتعادي عنها مع امرأة ثانية !.كان هذا الحادث بمثابة الحاجز الكبير أمامي نحو حب أية امرأة أخرى في العالم ليس لشعوري بالشفقة نحو ابنة عمي أو لإحساسي بالذنب تجاهها ،بل لأنني لم أجد اجمل منها رغم قبحها وعقمها!!.
عمري ألان يناهز السبعين عاما وعلى ذمتي أربعة نساء..ولم يرزقني الله بالولد!!!.